مصطفى عبدالحميد فرج يكتب (المفاهيم الأساسية للنظام السياسي والمحلي)
قراءة في كتاب المعرفة قبل القرار
قبل ظهور الدولة القومية كانت هناك العديد من الدويلات والقبائل التي يضع لكلًا منها نظامًا لإدارة شئونه، وفي الحقيقة فإن البحث عن نظام لكيفية إدارة شأن أي تجمع إنساني بدء مع بداية نشأة المجتمعات الإنسانية نفسها، مع ظهور الدول القومية بدأت الحاجة ملحة إلى إيجاد تنظيم أكثر تعقيدًا لإدارة شئون الدولة ومن ثم بدأت الدولة في إنشاء وحدات إدارية محلية ومن هنا ظهرت النظم المحلية الحديثة.
والمحليات هي مصدر المعلومة الأكثر دقة، والاعتماد على المعلومات المحلية هو أساس صنع القرارات الصحيحة، وهي المصدر الأول للموارد القومية للدولة.
كما تعتبر الإدارة المحلية هي الرابط بين الحكومة وبين المواطن، فهي تساهم من خلال ما خوله لها القانون من مهام وصلاحيات وسلطات في تحقيق التنمية المحلية المستدامة والتي تعد مصطلح وليد النشأة نتيجة لربط قضايا التنمية المحلية ببعديها الاقتصادي والاجتماعي بالحياة العامة.
ومن أهم وظائف الإدارة المحلية هو الحد من فجوة العدالة الاقتصادية والجغرافية بين المحافظات، وتعزيز مشاركة المواطنين والتمثيل في المجالس المحلية، وتفعيل المساءله الاجتماعية من خلال تمثيل ما ينتخبه المواطنين في الإدارة والإشراف على المشروعات والخدمات العامة بالمحافظات.
وهناك عدة عناصر لأي نظام محلي هي وجود وحدات محلية في الدولة ذات احتياجات وقدرات متميزة، وتتمتع الوحدات المحلية بشخصية اعتبارية قانونية أو معنوية، ومشاركة المواطنين بكل وحدة محلية في إدارة شئونها من خلال المجالس المحلية المنتخبة، بالإضافة إلى وجود اختصاصات واضحة ومحددة للمحليات وموارد مالية، وأن لا تعمل المؤسسات المحلية بمعزل عن السلطة المركزية بل تعمل تحت إشرافها وفي إطار من العلاقات المحكومة بالدستور والقوانين.
وتعتبر مسألة تطوير الإدارة المحلية ومعالجة مشكلاتها واحدة من المسائل المهمة التي تشغل اهتمام الحكومات المتعاقبة وتعطي لها العديد من الأحزاب والقوى السياسية وتنظيمات المجتمع المدني ذات الصلة بالتنمية المحلية أولوية في أنشطتها ومجالات عملها.
ويأتي ذلك الاهتمام وتلك الأولوية لما تمثله الإدارة المحلية من قاعدة لتوسيع المشاركة المجتمعية في إدارة شئون الدولة والمجتمع (الحوكمة)، وكذلك تقريب مؤسسات صنع القرار من المواطنين وزيادة كفاءة الرقابة والمساءلة الشعبية.