16
أقلام حرة

مناجاة مع الإله

17

كتب – مصطفى صابر عيد

 

مناجاة مع الإله تلك الرحلة التي يبحث الانسان عن ذاته ومحاولة لمقاومة الضعف والانكسار مناجاة مع رب الكون وخالق الخلق مناجاة للشكوي من ضعف النفس وكسرة القلب وحسرة علي العمر و فقدان الثقه بالنفس قبل فقدان الثقة بالآخرين ، هيا مناجاة لطوق نجاة من الانتحار والهروب من الضلال والتشتت الفكري والذهني والانهيار النفسي ، المناجاة هيا فضفضه القلب حين يعجز اللسان عن الحديث و الكلمات عن التعبير ، حين يرهق الجسد والقلب والعقل حين يخذلك العالم و تتذكر قول الله تعالي { وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ } صدق الله العظيم

” المناجاة ” ليست فقط للأنبياء والمرسلين و اولياء الله الصالحين ولكن المناجاة والحديث مع الإله يحتاج فقط وضوء للقلب قبل الجسد يحتاج لثقة في الرحمن بأنه هو الرحيم ثقة في بأن طلبك مستجاب بدون واسطة او مكالمة او توصية ولكن يحتاج يقين وقلب صافي و عين تخشع ونفس تخضع و قلب يبكي و لسان يحمد ربه علي نعمته [ يا من إذا قلت يا مولاى لباني..و قال أقبل فإن العفو من شاني، يامن إذ قلت يامولاى لباني،أعصاك تسترني، أنساك تذكرنى كأنى ذاكرا فى غير عصياني، فكيف أعصاك يامن لست تفضحني، وكيف أنساك يا من لست تنساني ]

وهذا نبي الله ” يونس ” حين ابتلعه الحوت وهو لاحول له ولا قوة من الذي امر الحوت لابتلاعه
” الله ” من يقدر علي فك الكرب ” الله ”
حينها ايقن ” ذا نون ” أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ فقال في سورة الانبياء ” وَذَا النّونِ إِذ ذَهَبَ مُغاضِبًا فَظَنَّ أَن لَن نَقدِرَ عَلَيهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَن لا إِلهَ إِلّا أَنتَ سُبحانَكَ إِنّي كُنتُ مِنَ الظّالِمينَ ۝ فَاستَجَبنا لَهُ وَنَجَّيناهُ مِنَ الغَمِّ وَكَذلِكَ نُنجِي المُؤمِنينَ﴾ وكانت الاستجابة من فوق سبع سموات حين اخلص ” يونس ” عليه السلام في مناجاة مع الله فكانت الاستجابة موعده ،

وهذا نبي الله ايوب حين رقد في الفراش و عجز عن الحركه و ابتعد عنه الناس ولكن يخذلك الناس ورب الناس لا ينساك او يخذلك يضلك العباد و يهديك رب العباد قيل آنه رقد في الفراش لمدة اكثر من 15 عام مريض واحرج ان يدعو ربه ان يرفع عنه المرض و هو نبي استحي من مناجاة الإله الواحد الاحد وحين قال ” ﴿وَأَيّوبَ إِذ نادى رَبَّهُ أَنّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ﴾ دعي ربه واخلص في مناجاة اخذله ربه كما اخذله ناس لا ، حيث كانت الاستجابة ﴿فَاستَجَبنا لَهُ فَكَشَفنا ما بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيناهُ أَهلَهُ وَمِثلَهُم مَعَهُم رَحمَةً مِن عِندِنا وَذِكرى لِلعابِدينَ﴾ صدق الله العظيم

 

وهذا الصحبي ” عبدالله بن عمرو بن حرام ، دعاء ربه الاستشهاد في سبيله يوم احد ونادي الذي لا يغفل ولا ينام واستجاب المناجاة بل وكلم الله عبد الله بن عمرو كفاحا ،. حيث قال رسول الله عليه وآله وسلم لأبنه جابر الذي يروي الحديث قال: “لما قتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “يا جابر، ألا أخبرك ما قال الله – عز وجل- لأبيك؟ قلت: بلى، قال: “ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب، وكلم أباك كفاحًا، فقال: يا عبدي، تمن عليَّ أعطك، قال: تحييني، فأقتل فيك ثانية، قال: إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون، قال: يا رب، فأبلغ من ورائي بما أعطيتنا من نعمة فأنزل الله – عز وجل – هذه الآية: {ولا تَحْسَبنّ الذينَ قُتِلُوا في سَبيلِ اللهِ أمْواتاً بل أحْياءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرْزَقُون * فَرِحينَ بِمَا أتَاهُم الله مِن فَضْلِه ويَسْتَبْشِرون بالذين لمْ يَلحَقُوا بِهم مِن خَلفِهم ألا خَوْف عليهم ولا هُم يَحْزَنُون} صدق الله العظيم

20

 

وهذا رب العزة يطلب المناجاة من عباده يطلب منا الدعاء والافتقار اليه حيث قال ﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبادي عَنّي فَإِنّي قَريبٌ أُجيبُ دَعوَةَ الدّاعِ إِذا دَعانِ ﴾ ونحن ندعوك في كل وقت وحين يامن خلت الكون كله ولم يمسسك من لغوب وقال ايضا ﴿وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ وَنَعلَمُ ما تُوَسوِسُ بِهِ نَفسُهُ وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَريدِ﴾ سبحان رب العزه حين يصف مدي قربه إلينا ولم يكتفي بوصف مدي القرب للعيد بالحبل الوريد ولكن حينما كان نبي الله موسي يقف ومعه اخيه هارون يوم الزينة وجمع فرعون الساحرة من شعر بان موسي دخل في قلبه الخوف ؟ من سمع همسات قلبه تدق بكلمات تدل علي اهتزازه من هيبة موقف وكيد ساحرة فرعون حيث قال الله ﴿فَأَوجَسَ في نَفسِهِ خيفَةً موسى ۝ قُلنا لا تَخَف إِنَّكَ أَنتَ الأَعلى﴾ سبحان الله نادي موسي ربه ليجعل وزيرا من اهله هارون اخيه ولم يشعر بخوف موسي غير ” الله ”

لمن اناجي ولمن أشكو فانت عندما تدخل في المناجاة فانت في حضرة الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا عدلَ له معادل، ولا مثلَ له مماثل، ولا شريك له مُظاهر، ولا ولدَ له ولا والد، ولم يكن له صاحبة ولا كفواً أحد، وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة، والعزيز الذي ذلت لعزته الملوك الأعزة، وخشعت لمهابة سطوته ذَوو المهابة، وأذعن له جميع الخلق بالطاعة طوعاً وكرهاً ..

 

حين تشعر بان قلبك قد ضاق رب القلوب موجود وحين تشعر بأنك انكسرت اشكوا اليه فانه يعلم بما تهوي الأنفس وحين يخذلك الناس ينصرك الله ” فمن ذا الذي ينصركم من بعده ” وحين يعجز العقل عن تدبير فالقي امرك لاصاحب الامور فهو مدبر الامور ومسبب الاسباب يعلم الحاضر و المستقبل وحين يصبك الهم فلا تحزن فان رافع الهموم هو الله لطيف بعباده و جبار لخواطرهم ومجيب لدعواهم ، حين يتمكن منك الوسواس ويدخل في عقلك ويشجعك علي الانتحار او الالحاد وتياس تذكر قول سيدنا يعقوب في سورة يوسف ﴿ وَلا تَيأَسوا مِن رَوحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيأَسُ مِن رَوحِ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الكافِرونَ﴾ صدق الله العظيم

اعلان 1
1234

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

321
زر الذهاب إلى الأعلى