مجرد رأى.. احترام الوقت ثقافة أم عادة
عندما تقاس حضارة الأمم والشعوب ومدى تقدمها وجاهزيتها للريادة والتفوق فإن من أهم ركائز القياس وثوابته احترام الأمم والشعوب لقيمة الوقت بل وتقديس هذه القيمة وجعلها سلوكا ونمطا معاشا من أنماط الحياة يولد مع الإنسان ويظل مرتبطا بشخصيته ساكنا واقعه محركا لشعوره ووجدانه فى أفعاله وتصرفاته بسيطها ومعقدها والذى دفعنى للتطرق لهذا الموضوع هو أننا فى مصر عندما نتطرق للحديث عن الغرب نتباكى على حالنا وعلى تأخرنا مقارنة بغيرنا ممن سبقنا وكأننا فى معزل عن أسباب تراجعنا ولم نؤثر ولم نتأثر بما نحن عليه من حال كنا الأساس والدعائم له بنظرتنا القاصرة لكل قيمة وعدم النظر بعين اليقين لها
_وهنا أتساءل هل احترام الوقت واستغلاله وحسن التعامل معه يمثل عادة اعتدنا عليها تحت ضغط أسباب محددة متى انتهت انتهى معها احترامنا للوقت وقيمته وأهميته كالموظف الذى يلتزم بالوقت فقط خوفا من مديره فى العمل أن يعاقبه ويجازيه إن تأخر فى الحضور إلى العمل فى التوقيتات المحددة فإن أمن العقوبة أساء الحضور أو كالذى على موعد فيه نفعه فتراه أكثر الناس التزاما بما وعد فإن ذهبت الفائدة تراه يتنصل من احترامه للوقت ويذهب فى ذلك مسالك ودروب
أم احترام الوقت ثقافة نتربى عليها نؤمن بقداستها وأهدافها وغايتها فى الحياة وأنها سبيل لاحترام الآخر لنا وأنها معيار رقينا ودليل على اعتزازنا بأنفسنا وتمسكنا بهذه النعمة الكبرى
_وعندما نمعن التفكير فى الاستطراد السابق نجد أن نظرتنا للأسف الشديد فى مصر تخلو تماما من أى نوع من الاهتمام مع أن ثقافتنا العربية تمتلىء بالكثير والكثير من المقولات والحكم والأمثال التى تعلى من قيمة الوقت وتقدره إلا أنها لا تتجاوز عتبة أدبيات الدراسات الأكاديمية البحتة التى تخلو تماما من الممارسة والتفعيل الحياتى فى الحاضر
_ موقف الإسلام من الوقت:
اعتنى الإسلام عناية لا مثيل لها بالوقت فقد أقسم رب العزة جل شأنه بالوقت فأقسم به فى كثير من آى القرآن الكريم مثل قوله( والفجر وليال عشر)وجعل الله سبحانه وتعالى كل العبادات مرتبطة باوقات محددة لا يمكن تجاوزها وإلا أثم المسلم أوبطلت عبادته وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العبد موقوف بين يدى خالقه يوم القيامة ولن يبرح أرض المحشر حتى يجيب عن سؤال ليس بالسهل اليسير فيم قضيت عمرك وكيف أمضيت وقتك فى الحياة الدنيا
_ والشعب المصرى متدين بطبيعته يؤمن إيمانا مطلقا بكل ما جاء به الدين فكيف يغفل قيمة الوقت هذا التغافل الذى عطل مسيرته فى التقدم والازدهار لعقود طويلة
_لا سبيل أمامنا إن أردنا التقدم والنهضة إلا أن نعيد للوقت مكانته وأن يصبح نظاما ومنهجا ونهجا لنا نتعامل معه على أنه الكنز الذى سيغير حياتنا للأفضل من خلاله ننجز أحلامنا ونسرع إلى آمالنا التى ما تقاعس بنا عن الوصول إليها إلا إغفالنا لقية وقتنا وإهدارنا له
**بناء ثقافة احترام الوقت :
1- أن تركز مناهج التعليم على قيمة استغلال الوقت واحترامه وخاصة من الصفوف الأولى للتعليم حتى ينشأ الأطفال متمرسين على تقدير قيمة الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل
2- لابد أن تركز التربية الأسرية على احترام الوقت من قبل الأبناء حتى يحققوا أقصى استفادة ممكنة من الوقت وأن بربى الأبناء على التخطيط الجيد لإدارة الوقت بشكل يحقق لهم إنجاز الكثير من الأعمال
3- أن يركز الخطاب الدينى على التربية المستنيرة التى تركز على القيم المبادىء التى تنهض بالمجتمع وترفع من قدره بين المجتمعات الإنسانية
4- يجب على كل إنسان ان يمتلك آلية النقد الذاتى لما يهدره من الوقت حتى يستطيع الاستفادة من كل لحظة تمر عليه ويستغل وقته بشكل يكسبه المزيد من النجاحات الممكنة فى الحياة
5- كثرة القراءة تجعل الإنسان يمتلك رؤية موضوعية للاشياء وبالتالى يستطيع الإفادة مما يقرأ فى استثمار الوقت
6- لا يوجد ما يسمى بوقت الفراغ فكل فرد يمكنه أن يملأ وقته وحياته التى يعتقد أن بها خلوا من العمل والإنجاز من خلال وضع أهداف يسعى إلى تحقيقها _هواية يصقلها _ مهارة يمكنه أن يضيف من خلالها رصيدا جديدا من إنجازاته فى الحياة
** وأخيرا فإن الوقت سلاح ذو حدين فإما أن يقضى على الإنسان فيجعله خالى الوفاض من أى أثر أو ذكر فى الحياة إن أهمل معنى الوقت وقيمته وإما أن يرفع ذكره وشأنه إن جعل الحفاظ على الوقت هدفه ومبتغاه فيضمن سعادة الدارين والنجاح الذى يجعله يفخر بأن حضوره فى الحياة كان حضور المنجز الفعال المشارك الذى فهم فأدرك فعمل فأبقى فى مشوار عمره زهرة يفوح أريجها بما حققه من أثر
بقلم
حاتم عامر